الاثنين، ١١ يناير ٢٠١٠

المجتمع المدنى!

ردًا على الأستاذة فاطمة ناعوت فى مقالتها اليوم فى المصرى اليوم ..

كلَّ عام ونحن أجمل!

بقلم فاطمة ناعوت ١١/ ١/ ٢٠١٠

كلَّ نهار يشقشقُ على هذا البلد "الآمن"، كما أراد له القرآنُ أن يكونَ في قوله تعالى: "ادخلوا مصرَ إن شاء اللهُ آمنين."، تتأكدُ حاجتُنا الماسّةُ إلى مجتمع مدنيّ. من أجل هذا أنشأتْ مجموعةٌ من نُخَبِ مصرَ الثقافيةِ جماعةً أطلقوا عليها: "مصريون من أجل مجتمع مدنيّ"، أشْرُفُ أن أكونَ من بينهم مع أجلاّءَ منهم: د. وسيم السيسي، الطبيب وعالم المصريات، والإعلاميةُ سحر عبد الرحمن، والكاتبُ بهيج إسماعيل، والمخرجُ علي بدرخان، والفنانةُ صفية العمري، والموسيقار يحيى خليل، وأمينة ثروت أباظه، ود. عصام عبد الصمد، وسواهم من طليعة هذا البلد الطيب، الذي كرَّمته السماءُ بكثير رموز أنارتْ للعالمين عقولَهم، مثلما هو المجروح في قلبه بثلّة من مأفوني العقل خواةِ الروح ممن لا تعتزُّ بهم مصرُ، وليس من اعتراف منها ببنوتهم اللهم إلا من باب أخطاء البيولوجيا التي تُنجبُ من ظَهْر العالِم فاسدًا.

وإذْ أتكلم عن "مجتمع مدني"، فلعلّي لا أعبأ بالمنطلق السياسيّ والتشريعيّ، بقدر ما يعنيني رسوخُه في عمق وعي مواطني بلادي، سواءٌ نخبته العليا أو بسطاؤه.

مع بزوغ شعاع الشمس الأول كلَّ نهار تتأكد حاجتنا اللحوحُ لمجتمع مدني! لتأتي ذروةُ تلك النهارات مع عيد الميلاد المجيد، الذي أشرق على نجع حمادي بخيوط دم تتفجر من أحشاء فاجعة هزّت أركانَ بلد، شاء القرآنُ له أن يكونَ آمنا، ولم تشأ ذلك ثلّةٌ رعناء من رجال مُخرَّبي العقل والحسّ، على طُرفة ظنّهم أنهم ينصرون الله بفعلهم ما نهى اللهُ عنه!

عبارة "المجتمعُ المدنيّ" في جوهرها، ليست وحسب فصل الدين عن الدولة، حيث: "الدين لله والوطن للجميع"، كما أقرّت ثورة ١٩، وكما أعلن المسيحُ قبل ألفي عام: "ما لقيصرَ لقيصرَ، وما لله لله!"، لكن، وهو الأهم، أن يدركَ العامةُ: أن العقيدةَ شأنٌ فرديّ شديد الفردانية؛ أن لا دخل لي بعقيدة جاري، أن أمنَه حقٌّ له عليّ، وأن مواطنًا مصريًّا، مسلمًا كان أو مسيحيًّا، يرعى حقوقَ مواطنته ويؤدي ما عليه من التزام وواجب نحو مصرَ ونحو المصريين، لهو أقربُ إلى قلب مصرَ، وإلى قلب الله، من رجل يؤدي مناسكَ السماء في معبده، ثم يخرج على الناس شاهرًا سيفَه!

متى يدركُ أولئك أننا جميعَنا، إلا النادر منّا، مسلمو ومسيحيو وراثة؟ لم نختر دينَنا، بل ورثناه عن أسلافنا وراثةً لا فضل لنا فيها، إلا ما أتت أيادينا من خير وجمال؟ متى يدرك أولئك أن الله خلقنا لكي نحبَّه ونحبَّ خلقَه مهما اختلفت ألوانُهم وعقائدهم، ولكي نعمّرَ الأرضَ فلا نقتل طيرًا أو نبتًا أو بشرًا إلا بالحق؟ كيف لإنسان، (يا لها من كلمة كبرى!)، أن يخرجَ على مواطنيه وجيرانه العُزّل، يتنسكون للسماء يومَ عيدهم، ليفتحَ عليهم النارَ فيما يخرجون من معبدهم، فتتناثرُ الأشلاءُ وتتشردُ الأسَرُ وتثكلُ الأمهاتُ ويتيتمُ الأطفال؟ ثم، وهي الطرفة السوداء، يظنون أنهم يؤدون حقَّ الله!

قامتِ الدنيا ولم تقعد يومَ اغتال ذلك الألمانيُّ العنصريّ المأفون طبيبةً مصريةً جميلة كلُّ خطأها أنْ جاهرت بعقيدتها بارتدائها حجابًا. فهل تمرُّ فاجعةُ نجع حمادي على نحو أبسط؟ هل نصمت حتى يتفجّر مزيدٌ من دماء مصريين على أيدي مصريين؟ هل أقلُّ من بيان سياديّ شديد اللهجة يطالبُ رؤوسَ الفتنة من بعض شيوخ وقساوسة يدسون الفرقةَ في أدمغة الناس، من أجل وقف تلك المهازل التي أنهكت قلبَ مصرَ المعتلّ؟

علما بأن ضحية الحجاب د. مروة الشربيني قضت إثر مشادة عصبية في حديقة أطفال وعلى يد ألمانيّ أرعن، فيما ضحايا نجع حمادي قضوا إثر أدائهم الصلاة في دار عبادة، وعلى يد مواطنيهم، ومع سبق الإصرار والترصّد؟ ثمة بلادُ الله تضمُّ عشرات العقائد والملل والطوائف، لا يحدث فيها ما يحدث في بلادي!

بدايةٌ رديئةٌ لعام جديد كنّا نراهنُ أن يكونَ أجملَ من سابقه! برغم ذلك نقول لمواطنينا أقباط مصرَ، وكلّنا أقباط: "أحسنَ اللهُ عزاءنا، وكلَّ عام ونحن أجمل!"



الأستاذة الفاضلة فاطمة ناعوت .
تحية طيبة وبعد ..

لماذا نظل دائمًا وأبدًا نردد عبارات الغرب وثقافاتهم, وإنى أحسب أنك مثقفة للغاية ف الأدب والتاريخ - ماشاء الله - فلماذا نركز على مشاكل الغرب التى ربما لا نحتويها!!

كان مرض الغرب فى حكم الكنيسة معروف! ولكن العلة ليست فى حكم الكتاب المقدس!! لأن أيديًا كثرى طالت حرمته وغيرت وبدلت فيه, فأصبح شريعة ممزقة ومرقعة من كل عقل خَرِبْ, فكانت سلطة الكنيسة لا تدل على أن "يد الدين العليا" عبارة عن خطأ سياسى؟!

ولكن "السلطة المطلقة" هى التى تعبر عن مصيبة سياسية.. ونراها نحن فى أوطاننا العربية, سلطة مطلقة لأناسى ليس يربطهم كتاب مقدس حتى يستبيحوا الجرائم التى يجرمّها الدستور المقدس التى وضعتها تلك الأنظمة بنفسها, ويقومون بتمزيق وترقيع تلك الدساتير كما فعل الغرب بكتابهم المقدس!!

فأين الحل؟ .إذا أردنا الحل حقًا .. فعلينا معرفة العلة حتى نبحث عن الحل والعلاج الصحيح!! العلة فى وجهة نظرى المتواضعة فى السلطة المطلقة!!!

والنظام الديموقراطى هو نموذج ممدن من النظام الإسلامى الذى ارسى قواعد العدل والمساواة فى ربوع المعمورة, وكان لابد من وضعه فى قالب آخر إذا ما آراد الغرب تطبيقه!!, لأنهم غير مسلمين..

ولكن كان علينا كمسلمين أن نضرب الأمثلة بتاريخنا وديننا, نضرب المثل بعلى بن أبى طالب عندما فقد درعه أمام اليهودى لأنه لا يملك دليلا على ملكيته!! .. هذا هو العدل حينما يكون هناك قضاء مستقل فى ظل دولة إسلامية بفهم إسلامى

وحينما يُضرب بن عمرو بن العاص -والى مصر- لضربه للمسيحى المصرى بعد ما فازه بالسباق!! .. هذا هو العدل وجمال المواطنة فى ظل الدولة الإسلامية, وحينما يبدع علماؤنا (بن الهيثم, وجابر ابن حيان, والفرابى, والخوارزمى, وفخر الدين الرازى, وبن خلدون , وأبوحامد الغزالى ... إلخ) فى شتى العلوم, بدون تدخل أو قمع من السلطان أو من السلطة الدينية إن وجدت سلطة بهذا المفهوم أصلا!! ..
فهذا يدل على عدم سيطرة الدين على عقول العلماء!! بل هى الحرية الفكرية ,, إن كانت فى الفلسفة أو العلوم الطبيعية أو حتى الإجتهاد فى الدين!

إن هذه المجموعة التى فهمت الدين بصورة خاطئة , ولم تعطِ أهل الذمة أمنهم, ففوقهم حدود الله تقام عليهم حتى يرتدع من تسول له نفسه فى استباحة دماء الناس!

الحل فى الشريعة الإسلامية السمحة .. بالفهم الصحيح الذى طبقه أسلافنا فأناروا ربوع الأرض عملاً وعلمًا ..

وكما قال المتنبى لسيف الدولة أقولها لكِ أستاذتى الفاضلة ..
أعيذها كلماتٍ منك صائبة .:. أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم!!

ليست هناك تعليقات: